تعريف الذاكرة في علم النفس |
يعمل العقل بديناميكية غريبة تجمع بين النظام العصبي والحسي في صورة مسترسلة ومثالية، فما هو تعريف الذاكرة في علم النفس، وكيف لأنواعها المختلفة أن تحفظ الذكريات؟.
الذاكرة في علم النفس
يضع علماء النفس تعريفاً للذاكرة بأنها عملية تخزين وحفظ المعلومات واسترجاعها متى احتاج الأمر، كما أنها في الأساس عملية عصبية كيميائية تمثل شكلاً من أشكال الخبرات المخزنة، وهذا الأمر وضع العلماء في حيرة من أمرهم عن تحديد ماهية الذاكرة في ثباتها أو اعتبارها تغيراً كيميائياً، وذلك بسبب السؤال حول كَم الذكريات التي تستطيع الذاكرة أن تخزنه؟
وبعد التمحيص والدراسات العميقة التي تمت، توصل العلماء إلى أن هناك أنواع متعددة للذاكرة، يتم من خلالها تمرير المواقف والذكريات لمعالجتها في الإدراك، ولكن يبقى مفهوم الذاكرة عميقاً للدرجة التي يمكن أن يقف العقل البشري عاجزاً عن فهم قدراتها ووضع تعريفاً يوفي حقّها ويوضحها كما هي، إذ أن بعض الأشخاص لديهم قدرات عجائبية في حفظ وتذكر معلومات وأحداث منذ الطفولة، بيد أن البعض الآخر لا يمكنه تذكر الكثير من الأحداث الماضية، وعليه فإننا سنشرح أنواع الذاكرة وآلية عملية حفظ وترميز المعلومات بالكامل في هذا المقال.
أنواع الذاكرة في علم النفس
الذاكرة الحسية
يتمحور تعريف هذا النوع من الذاكرة بأنه عملية إدراك المعلومات التي تَرد من البصر والسمع واللمس والتذوق والشم، وهذا الإدراك يحدث من خلال القشرة الحسية والتي بدورها تنقل تلك المعلومات إلى المهاد، ويعود عند وجود حدث معين مثل سماع صوت أو رؤية شيء لتستطيع حينها إدراكه على الفور، ويمكن توضيحها بشكلٍ أكبر بتخيل قراءة جملة معينة ظهرت أمام عينيك فتركزت بضع كلمات منها سبق لك أن انتبهت لها أكثر ولفتت نظرك دون غيرها، وهنا تكون الذاكرة الحسية قد التقطت الكلمات التي لفتتك واحتفظت بها لثوانٍ معدودة فقط قد لا تتعدى الـ 30 ثانية، وتلك الكلمات قد تم نقلها إلى الذاكرة القصيرة المدى وهذا ما جعلها تتركز في المخ.
ورغم أنها لا تقدم فائدة في الظروف البيئية نظراً لِشُح قدرتها على التخزين الخاص بالأحداث والذكريات المهمة مقارنةً مع غيرها من الذواكر وتعتمد على الإحساس الوارد من الحواس الخمسة، إلا أن العلماء رأوا أن هذه الذاكرة وعلى الرغم من ضآلة ميزاتها، إلا أنها قد تكون سبباً في إدراك الأجزاء المختلفة للأشياء الواردة، مثل رؤية غزال في الغابة ثم اختفائه وراء الأشجار، إلى أن يعود ليظهر بأجزائه المختلفة بشكلٍ بطيء فيجعلك ترسم الصورة الكاملة لتلك الأجزاء بواسطة نظام الإدراك البشري والذي قد يكون ناشئاً بسبب الذاكرة الحسية التي تشكل جزء منه ولديها دور حاسم في تشكيل هذا الإدراك السلس.
الذاكرة قصيرة المدى
والتي تُعرف بـ اسم الذاكرة النشطة، أو الذاكرة العاملة، وهي الذاكرة التي تتأهب لالتقاط المعلومات القادمة من الذاكرة الحسية وتعمل على تقديم المعالجة المبكرة لتلك المعلومات ومن ثم نقلها للذاكرة طويلة المدى، فضلاً عن كونها الوسيط لتلقي المعلومات القادمة من الذاكرة طويلة الأمد ومن ثم التلاعب بها واستخدامها بالوعي، وتستطيع الاحتفاظ بكمية معلومات قليلة ولوقت قصير ولكن بشكل أفضل من الذاكرة الحسية، فهي الوسيط الذي يقوم بترميز معلومات ما يُنقل من الخارج ومن ثم تمريره للذاكرة طويلة المدى.
الذاكرة طويلة المدى
الذاكرة التي يمكن اعتبارها الصندوق الحافظ للذكريات، وذلك لكونها تعمل على التقاط المعلومات من الذاكرة القصيرة الأمد ومعالجتها وتخزينها لإنشاء ذكريات دائمة، كما أنه بالإمكان تحويل الذكريات القصيرة الأمد إلى طويلة الأمد من خلال عملية تسمى عملية التوحيد.
وتنقسم الذاكرة الطويلة الأمد إلى نوعين:
ذاكرة صريحة (واعية)
وهي التي تُعنى بالذكريات الصريحة التي تتعامل بها مع العالم الخارجي بسلاسة، مثل وجود (أحداث محددة) والتي يتم الاحتفاظ بها بالذاكرة العرضية، أو (المعرفة بالعالم) والتي يتم الاحتفاظ بها بالـ (الذاكرة الدلالية) وكلتا الذاكرتين تندرجان تحت الذاكرة الضمنية، ولتوضيح ماهية الذكريات التي تحتفظ بها، فإنه يمكن تمثيل الأمر بقدراتك على تذكر يوم تخرجك، أو عيد ميلاد صديقك.
ذاكرة ضمنية (لا واعية)
وهي جميع الذكريات التي غالباً ما تكون غير واعية، ويتم التقاطها بفضل الاجراءات الحاصلة في العالم الخارجي، مثل تذكر كيفية قيادة السيارة أو كيفية استخدام الكمبيوتر والتي يُعنى بهذه المعرفة قدرات الذاكرة الضمنية على التقاطها دون شعورٍ منك وفي غياب الوعي عن أنك قد التقطتها من التكرار أو التجربة وماشابه ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن سعة هذه الذاكرة لا يمكن حصرها، كما أن قدراتها على تخزين المعلومات المتكررة المنقولة إليها تكون أكبر وأكثر عمراً، أي يمكن لهذه الذاكرة أن تحتفظ بما يتكرر أو بمدى الوعي واليقظة أثناء الحدث، لمدة طويلة جداً مقارنةً مع الأحداث العفوية والعشوائية والتي يتم ترميزها ونقلها للذاكرة الطويلة المدى فتحتفظ بها لفترة قد لا تكون طويلة نسبةً لغيرها من الأحداث، كما أن عملية استرجاع الذكريات المخزنة بها تتم بعد أن تكون الخلايا العصبية قد قامت بتشفير الذكريات في القشرة والحصين فإن الاسترجاع يتم من خلال فك التشفير ونقله للخارج ومن ثم إعادة تشفيره مجدداً بواسطة مجموعة متماثلة غير متطابقة مما يجعل استرجاع ذات المعلومة أو الذكرى يتعرض لبعض التغييرات في التفاصيل أو غياب بعض الأحداث أو حتى فقدانها بشكل تام.
تمت الكتابة بواسطة: فريال محمود لولك.
تعليقك يهمنا