![]() |
تعريف علم النفس الإيجابي |
علم النفس الإيجابي ليس مجرد علم مَعنِي بإيجاد حلول للاضطرابات، بل نَهج متكامل يسعى لتحسين نوعية الحياة من خلال التركيز على نقاط القوة وفرص للنمو.
ما هو علم النفس الإيجابي؟
علم النفس الايجابي هو منهج علمي حديث يهدف إلى تعزيز القوة والفضائل الإيجابية لدى الأفراد لتمكينهم من عيش حياة ممتلئة بالمعنى والرضا، يعتمد هذا النهج على دراسة الجوانب الإيجابية للحياة والنفس البشرية بدلاً من التركيز على المشكلات والاضطرابات كما في علم النفس التقليدي، فمن خلال دراسة مقومات السعادة والتكيف النفسي الفعال يعمل على تحسين أداء الأفراد ودعم صحتهم النفسية ليعيشوا حياة ذات جودة وأثر إيجابي.
ما هي فنيات علم النفس الإيجابي؟
يعتمد علم النفس الايجابي على تقنيات وفنيات متعددة تُمَكن الأفراد من تحقيق الأهداف المذكورة، وتشمل:
- تحديد وتطوير نقاط القوة: يُشجع الأفراد على اكتشاف مواطن قوتهم الفريدة وتوظيفها في مختلف جوانب الحياة، هذه التقنية تساهم في بناء الثقة بالنفس وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات.
- التصور والتخيل الإيجابي: يُنصح الأفراد بتخيل سيناريوهات إيجابية وناجحة تساعدهم على مواجهة تحدياتهم، هذا التمرين الذهني يبني التفاؤل ويقوي الثقة في القدرات الشخصية.
- التفاعل الاجتماعي البَناء: يدعم علم النفس الايجابي تعزيز العلاقات الاجتماعية الإيجابية، حيث تُظهر الدراسات أن العلاقات الوثيقة والمحَبة تساهم بشكل كبير في رفاهية الأفراد.
- إعادة توجيه الانتباه: يتم تعليم الأفراد كيفية تحويل تركيزهم من التجارب السلبية إلى التجارب الإيجابية، يساعد هذا الأسلوب على تحسين النظرة العامة للحياة مما يرفع من مستوى الرضا والسعادة.
- تدريب العزيمة والصمود: يُعد تطوير المرونة النفسية عاملاً هاماً في علم النفس الايجابي، إذ يساعد الأفراد على التعامل بفعالية مع الضغوط والأزمات.
- التقدير والامتنان: ممارسة الامتنان بانتظام أثبتت قدرتها على تحسين الحالة النفسية بشكل ملحوظ، حيث أن تشجيع الأفراد على تدوين الأمور التي يشعرون بالامتنان تجاهها يعزز الإحساس بالسعادة والتفاؤل.
أهداف علم النفس الإيجابي
ترتكز أهدافه على تطوير العوامل التي تضمن للفرد القدرة على التكيف مع متغيرات الحياة بشكل إيجابي وتهيئته للتغلب على التحديات من منطلق القوة الداخلية والأمل المتجدد، ومنها:
- تعزيز السعادة والعواطف الإيجابية: يهدف إلى رفع مستوى الرضا والسعادة من خلال تعزيز مشاعر التفاؤل والامتنان، مما يساهم في تحسين جودة الحياة.
- تعزيز الأمل نحو المستقبل: يسعى لغرس التفاؤل والأمل في نفوس الأفراد، ليشعروا بقدرتهم على بناء مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً.
- اكتشاف القوة الداخلية: يساعد الأفراد على اكتشاف مهاراتهم وقدراتهم الفريدة وتطويرها لتصبح أدوات فعالة في التعامل مع تحديات الحياة.
- تحقيق الأهداف الشخصية: يدعم الأفراد في وضع أهداف واقعية وخطوات عملية لتحقيقها، مما يمنحهم شعوراً بالإنجاز والقدرة على التقدم.
- الحفاظ على نظرة متفائلة: يدعم تبني عقلية إيجابية تفاؤلية تجاه الحياة، مما يجعل الأفراد أكثر مرونة وقدرة على التكيف.
- الاستمتاع باللحظات الإيجابية: يحث الأفراد على تذوق اللحظات الجميلة والاحتفاء بها، مما يعزز شعورهم بالراحة والسعادة في حياتهم اليومية.
- بناء علاقات صحية: يشجع على بناء علاقات صحية وداعمة مع الآخرين، مما يساعد الأفراد على الشعور بالأمان والدعم الاجتماعي.
- تنمية الشعور بالامتنان: يعزز الامتنان وعي الفرد بالأشياء الجيدة في حياته، مما يزيد من شعوره بالرضا والاطمئنان.
مواضيع علم النفس الإيجابي
يمثل علم النفس الايجابي تحولاً مهماً في علم النفس عموماً حيث يتجاوز علاج الاضطرابات إلى تعزيز الرفاهية النفسية وبناء قوي للشخصية، ظهر هذا التوجه بفضل جهود (مارتن سيلغمان) الذي أعطى الأولوية لجوانب القوة والصحة النفسية وليس فقط معالجة الأعراض، ومن أبرز المواضيع التي يركز عليها:
الصلابة النفسية
يهدف علم النفس الايجابي إلى تنمية الصلابة النفسية بحيث يُمكن للأفراد مواجهة الضغوط والصدمات بتوازن، تساعد الصلابة على تحسين القدرة على التكيف وبناء أسلوب حياة يعتمد على التحدي والنمو وليس الخوف.
جودة الحياة
من المواضيع الرئيسية رفع مستوى جودة حياة الأفراد من خلال إدراك الجوانب الإيجابية والتركيز على النمو الشخصي والمهني، يتضمن ذلك تعزيز إحساس الرضا والسعادة عبر تحديد الأهداف الشخصية والعمل لتحقيقها.
الطموح وتقدير الذات
يشجع علم النفس الايجابي على تبني الطموح وتقدير الذات من خلال مساعدة الأفراد على وضع أهداف تعمل على تطور إمكانياتهم وتدفعهم نحو النجاح، يحفز هذا الموضوع الشخص على تقدير ذاته ويزيد من شعوره بالقيمة والإنجاز.
الأمل والتفاؤل
يتمحور علم النفس الايجابي حول غرس الأمل والتفاؤل كوسيلتين لمواجهة التحديات المستقبلية، يُعزز هذا الجانب من النفس القدرة على التطلع للمستقبل بثقة وإيجابية مما يعزز الشعور بالسيطرة على الحياة وتخطي العقبات.
الدعم الاجتماعي والعلاقات الصحية
يركز على أهمية الدعم الاجتماعي كعامل رئيسي في تحقيق السعادة حيث يُساهم في بناء علاقات صحية ومتوازنة مع الآخرين، تساعد هذه العلاقات في تحقيق الأمان العاطفي والتواصل الإيجابي مما يعزز الشعور بالانتماء والاستقرار.
الامتنان وتقدير اللحظة
يساعد الامتنان على رفع مستوى السعادة حيث يُدرب الفرد على التركيز على الجوانب الإيجابية وتقديرها، يرتبط الامتنان بتحسين الصحة النفسية ويزيد من شعور الفرد بالرضا تجاه الحياة.
التدفق وتجربة الاندماج التام
يُعزز هذا الموضوع الشعور بالتركيز والاندماج في اللحظات المهمة حيث يُشعر الفرد بالإنتاجية والتدفق، مما يجعل الأنشطة اليومية أكثر إشباعاً وفعالية.
علم النفس الإيجابي والصحة النفسية
يرى علم النفس الايجابي أن الصحة النفسية تتجسد في قدرة الأفراد على التوافق مع ذواتهم وحل صراعاتهم الداخلية، وتشير الحالة النفسية الإيجابية إلى شعور الفرد بالسعادة وتراجع القلق وتحسن الصحة الجسدية، هذا الاتجاه كما يراه الباحثون يساهم في التنبؤ بالصحة النفسية من خلال مزيج من العوامل العاطفية والجسدية مما يشكل أساساً لصحة نفسية متوازنة.
وبالتالي يعمل علم النفس الايجابي على ملء الفراغ بين غياب الاضطرابات النفسية وتحقيق الرضا العميق عن الحياة، كما يشير إلى أن السلامة النفسية لا تقتصر على عدم المعاناة من الأمراض بل تمتد إلى تطوير الذات والقدرة على النمو والازدهار، من خلال تطبيق فنياته بشكل منتظم يُمكن للمرء تحقيق حالة من الرضا الداخلي والقدرة على التأقلم مع التحديات مما يجعل الحياة اليومية أكثر إرضاءًا ومعنى.
في النهاية، يمثل علم النفس الإيجابي مفتاحاً لتبني نظرة إيجابية على الحياة وهو نهج يتميز بكونه عملياً وقائماً على أدلة علمية، ويُمَكن الأفراد من تطوير إمكانياتهم بالكامل ليعيشوا حياة مليئة بالإنجازات والطموحات.
تمت الكتابة بواسطة: جيهان جهاد محمد فتحي.
تعليقك يهمنا