![]() |
ما هي قصة أهل الكهف |
في عصورٍ غابرة كانت الفتن تعصف بالعالم، وُجِدَ مجموعة شباب اختاروا التمسّك بإيمانهم في وجه التحديات (أهل الكهف)، الذين حفروا قصّتهم في صفحات التاريخ وقلوب المؤمنين.
قصة أهل الكهف
قصة أهل الكهف هي واحدة من القصص المشهورة في القرآن الكريم، وتتناول موضوعات مهمة مثل الإيمان و الصبر والاختبار، وتتحدث القصة عن مجموعة من الشباب الذين عاشوا في زمنٍ كان فيه الإيمان بالله يتناقص بشكلٍ كبير، وكانوا يواجهون ضغوطاً واضطهاداً من المجتمع بسبب إيمانهم بالله ويحاولون إقناعهم بالرجوع إلى عبادة الأصنام.
الشباب المؤمنين
في إحدى المدن البعيدة عاش مجموعة من الشُبّان تحت حكم طاغٍ يُدعى (ديكيوس) الذي كان معروفاً بظلمه وكفره، حيث يفرض على سكان المدينة عبادة الأصنام ولا يترك أحداً يؤمن بغير الأصنام إلّا و يقتله، أمّا أولئك الفتية السبعة (أصحاب الكهف) الذين كانوا في مُقتبل العمرو من أبناء الملوك والأغنياء في المدينة، فقد رفضوا عبادة الأصنام وسخروا من هذا الأمر، وعندما علم الملك بأنهم يعصون أوامره قام بجمع الفتية وأمرهم بعبادة الأصنام وتقديم القرابين لها، ثم هددهم بالقتل لكن عندما رأى تمسّكهم بإيمانهم وقوّتهم في الدفاع عنه قرر أن يعطيهم فرصة أخيرة للعودة إلى عبادة أصنامه، فأعطاهم مهلة من الوقت ليتركوا إيمانهم ويعبدوا الأصنام كي لا يسفك دمائهم، وذهب في رحلةٍ لقضاء أمرٍ خارج البلاد.
الهروب إلى الكهف
قرر هؤلاء الشباب الهروب إلى كهفٍ بعيد و يتّخذوا لأنفسهم ملاذاً بعيداً عن أعين المدينة، حيث يتمكنون من عبادة الله بحرّية دون خوف من ظلم (ديكيوس) وتهديداته لهم، فتركوا المدينة متوجهين نحو كهفٍ في أحد الجبال البعيدة وقضوا الوقت في هذا الكهف مُتعبّدين و ذاكرين الله وأكثروا من الدعاء، فطلبوا من الله أن يُفيض عليهم برحمته في ذلك الملاذ، استجاب تعالى لدعواتهم وأحاطهم برحمته، حيث يسّر لهم أمورهم وناموا في سلام في ذلك الكهف البعيد، و من دلائل قدرته تعالى على أهل الكهف أن أعينهم كانت مفتوحة رغم أنهم غارقون في نومٍ عميق حتى أن من يراهم يظن أنهم مستيقظون، ولم تتأثر أجسادهم بعوامل الزمن و كان الله يجعل أجسادهم تتقلّب من حينٍ إلى آخر، تارةً على الجنب الأيمن وتارةً على الأيسر، و كان كلبهم مُستقر على عتبة باب الكهف و يغط في نوم عميق كما فعل الفتية، ولحماية هؤلاء المؤمنين ألقى الله في قلوب من يقترب منهم الرعب، مما ضمن سلامتهم خلال تلك السنوات الطويلة من النوم التي وصلت إلى ما يُقارب ثلاثمائة وتسع سنوات.
الاستيقاظ من النوم الطويل
بعد مرور ذلك الوقت استيقظ الفتية من نومهم وسألوا بعضهم عن مدّة نومهم، فقالوا إنهم لبثوا يوماً أو بعض يوم لأنهم لم يشعروا بمرور الزمن، وقد كان الفتية جائعين فاختاروا أحدهم ليذهب إلى المدينة ويُحضر لهم الطعام و أوصوه أن يكون حذراً ويتخفّى، ذهب الشاب إلى السوق و تفاجأ بما رأى فقد تغيرت المدينة كثيراً وشكل الأبنية وكذلك الناس وأزيائهم وأصبح هناك مؤمنون وحاكم صالح، اقترب ليشتري الطعام من بائع، لكن البائع استغرب ملابسه وأمواله الغريبة، فأخذه إلى السلطان وهنا كشف الله للناس قصة الفتية وجعلها علامة على قدرته على البعث وإحياء الموتى، عمّ الفرح بين الناس برؤية الفتية، وقرر الملك والشعب الذهاب إلى الكهف لرؤية بقيّة الشباب، لكن الله شاء أن يأخذ روح الفتية في تلك اللحظات، فتجادل الناس حول ما يجب عليهم فعله وفي النهاية قرروا بناء كنيسة وبعدها مسجداً تكريماً لهم.
أسماء أصحاب الكهف الحقيقية
أهل الكهف هم شخصيات تاريخية يُذكرون في القرآن الكريم وتتناول مجموعة من الروايات التاريخية والمصادر المسيحية أسماء بعضهم، و يُذكر أن أسماء أصحاب الكهف هي:
- مكسيمليانوس.
- يمليخا.
- مرتيلوس.
- ديونيسيوس.
- يؤانس.
- سرافيون.
- وقسطنطينوس.
قصة أصحاب الكهف في عهد أي نبي؟
تتعدد الآراء بين المؤرّخين والمفسّرين حول الفترة الزمنية التي عاش فيها أصحاب الكهف وقصة مخادعتهم للزمان، إليك بعض هذه الآراء:
- يذهب بعضهم إلى أن هؤلاء الفتية كانوا على دين موسى عليه السلام قبل ظهور دعوة عيسى عليه السلام.
- يشير آخرون إلى أنهم دخلوا كهفهم خلال فترة لاحقة لعهد موسى، ليستيقظوا بعد بعثة النبي عيسى عليه السلام.
- يعتقد أغلب المؤرخين أن أصحاب الكهف احتموا بكهفهم في زمن استضعاف النصارى بعد مبعث النبي عيسى عليه السلام و استيقظوا بعد دخول الإمبراطور الروماني قسطنطين في النصرانية، مما أدى إلى تغير الأوضاع وتخفيف الضغوطات عن النصارى.
- يمكننا القول أن هذه الآراء تساهم في رسم ملامح الزمن الذي عاشوا فيه وتُبرز التحديات التي واجهتهم في الحفاظ على عقيدتهم أمام الاضطهاد.
ما سبب بقاء أعين أصحاب الكهف مفتوحة؟
لقد أثارت قصة أهل الكهف اهتمام العلماء والمختصين في مجالاتٍ متعددة، حيث تكشف التفاصيل الواردة في تلك القصة عن إعجاز علمي ملحوظ، فقد أظهرت الدراسات الطبية كما ذكر الدكتور (محمد وهدان) أن بقاء أعينهم مفتوحة كان ضرورياً لتجديد خلايا العين، هذا الأمر الذي يساعد في الحفاظ على حيويتها ووظيفتها على الرغم من فترة نومهم الطويلة، فبمجرد إغلاق العيون لفترات مطوّلة مثل ما يحدث عند وضع غمامة على العين لمدة عشرة أيام، فإن ذلك يؤدي إلى فقدان البصر بشكل كامل، إن هذه الدلالات العلمية تؤكّد حقائق مذهلة عن كيفية التدبير الإلهي في خلقه ومدى توافقها مع ما نعرفه اليوم من علوم الطب.
اين يقع كهف اصحاب الكهف؟
يُمكن تحديد موقع كهف أهل الكهف استناداً إلى العديد من المصادر السريانية التي تُشير إلى أن كهفهم يقع على قمّة جبل (أنكيلوس) في ضواحي مدينة (أفسس) التي تقع حالياً في تركيا، وقد دعم هذه الرواية مجموعة من المؤرّخين والمفسّرين المسلمين مثل الطبري وابن كثير الذين تأثّروا بالروايات المسيحية، و هناك من يُنكر أن يكون الكهف في أفسس، ويستند هؤلاء إلى روايات تاريخية تؤكّد أن الموقع الحقيقي هو (جبل الرقيم) في الأردن، ويُقال أن عدد من الصحابة قد زار هذا الكهف مثل عبادة بن الصامت في زمن عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان، حيث أشاروا إلى أنهم رأوا عظام أصحاب الكهف، وفي عام 1963 أعلنت الأردن أنها تمتلك أدلّة تُثبت أن الكهف هو موجود في قرية (الرجيب) بالقرب من عاصمة الأردن (عُمان)، وقد أيَّد ذلك كل من مجمع الفقه الإسلامي ومنظمة اليونسكو، مما أضاف مصداقية أكبر لهذا الموقع.
ما هو اسم كلب أهل الكهف؟
اسم كلب أهل الكهف هو (قطمير) وهو اسم يكتسب دلالة خاصة في اللغة العربية، حيث يشير هذا الاسم إلى الغشاء الذي يفصل التمر عن نواته، مما يعكس معاني الارتباط والحنان بين الكلب وأصحابه، فقد كان رفيقهم المخلص في رحلة النوم الطويلة التي عاشوها في الكهف.
ماهي فوائد قصة اصحاب الكهف؟
قصة أهل الكهف الواردة في القرآن الكريم تحمل العديد من الفوائد والدروس القيّمة، منها:
- تُظهر القصة أهمية الثبات على الإيمان والتمسك بالعقيدة، حتى في مواجهة الاضطهادات والضغوط المجتمعية.
- تحثّنا القصة على الابتعاد عند الخوف من الفتن.
- تدل القصة على قدرة الله العظيمة في إحياء الموتى، مما يذكّر المؤمنين بأن الله يستطيع أن يفعل ما يشاء بقدرته.
- تمثل قصة أهل الكهف مثالاًعلى الصداقة الصالحة والتعاون في سبيل الحق، حيث اجتمعوا سويّاً على الطاعة والإيمان.
- تُظهر القصة كيف أن الله يولي اهتماماً خاصاً بعباده المخلصين والمؤمنين حيث نجّاهم من الضغوط وأعطاهم الراحة.
- تؤكّد القصة على ضرورة الإخلاص في النية والسعي للحق دون انتظار مكافأة دنيوية.
دعاء اهل الكهف
دعاء أهل الكهف يعد مثالاً رائعاً للتوجه إلى الله في أوقات الشدة والضيق، كما ورد في قوله تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة)، هذه الآية تجسّد قوّة الإيمان والثقة في رحمة الله، حيث لجأ الفتية إلى الكهف هرباً من الظلم والاضطهاد، ورفعوا كفوفهم للدعاء في خشوع وخضوع و طلبوا من الله رحمةً خاصة، وهذا يُشير إلى حاجتهم الماسّة للمساعدة والتوجيه في ظروفهم الصعبة، و تُظهر هذه اللحظة القوية مدى الاعتماد على الله في الأوقات العصيبة وتحثّنا على الثقة في رحمته وقدرته على تيسير الأمور، كما هي تذكير لنا بأن الدعاء هو وسيلة للتقرّب من الله وأنّه مهما كانت التحديات فإن رحمة الله دائماً قريبة من عباده المخلصين.
تمت الكتابة بواسطة: سمر درويش.
تعليقك يهمنا